كيف قتلنى أبى د . توفيق بو خضر دار الصفوة للطباعة والنشر
ملخص الكتاب
الدكتورة نداء تقابل حالة جديدة... الحالة مختلفة هذه المرة ... فتاة اسمها نداءتبلغ من العمر 35 عام .. يغمى عليها بين الحين والآخر ... تصرخ في وجه أبيها وتقول لقد قتلتني .. إنكلست أبي .. لا ترغب بمقابلة أهلها ، وتقول أنتم لستم أهلي .. تحير الأطباء فيحالتها ,, أهي مجنونة !! أم ماذا ؟ إلا أن د. نداء نفت أن تكون مجنونة .. بل حالةانهيار عصبي يمر بها الانسان في أصعب الظروف يحاول الأطباء الدخول إلى غرفتها... فتصرخ :اذهبوا أرسلكم أبي لقتلي .. ماذا تريدون مني ؟ اذهبوا أنتم خائنون فتضع د. نداء خطةذكية بعدما جلست معها ساعتين دون الخروج بفائدة تذكر .. تلقي اللوم تارة على أبيها ... أمها .. المجتمع .. وتارة على عالم مجهول .. لم تصل إلى شيء ،،، فقد طردتها من غرفتها !!! خطتها : هيالتظاهر بأنها مصابة بضربات في الرأس وتكسر في اليدين ، عصابات على الرأس ،وضماداتعلى اليدين، وصرخات : آآه .. آه .. لقد قتلتموني.. استطاعت نداء بهذه الخطة الوصول إلى قلبهاوجعل فاتن تثق بها .. تذهب نداء إلى مكتبها .. تقابل والد فاتن .. ويبدأ الحوار بينهما .. وما هيإلا دقائق حتى يرتفع صوت أبي فاتن: ( أترككم مع القصة وأحداثها .. الصفحات 155-157) أبو فاتن : لا يمكن هكذا إذ كيف تريدينني أن أوافق ؟ نداء : ولماذا لا توافق .. دع هذا التعنت منعندك . أبو فاتن : لاأسمح لك أن تخاطبيني بهذه اللهجة . نداء : وأي لهجة أيها السيد المحترم ، تريد أنأخاطبك بها . هلتريدنني أن أشجعك على الذي فعلت بابنتك ؟ أبو فاتن : لو كنت أنت التي مكاني لما فعلتإلا الذي فعلته . إذأنا الذي أشقى ليلا ،نهارا من أجل أن أكون لهذه الأسرة الحياة الرغيدة ، والسمعةالطيبة . وأتعب فيتربية ابنتي التربية الحسنة ثم أزوجها لشاب متسكع ؟ يدرس في الجامعة ، أو يعمل عملا تافها في شركة، أو مصنع ... مستحيل أن أزوج ابنتي مثل هذا .. أأزوجها لشاب يدرس في الجامعة .. حتى يموتها جوعا .. وينقص عليها من ملاذ الدنيا ونعيمها . أوتريدني أن أزوجها لعامل بسيط لا يستطيعبمرتبه القليل أن يشبع بطنه حتى يغدو على ابنتي .. إني لا أطلب أن يكون ملكا .. أوتاجرا .. بل أطلبه في مستوانا على أقل تقدير . نداء : عفوا.. أيها السيد المحترم من تظن نفسك .. حتى رسول الله صلىالله عليه وسلم لم يفعل ما فعلت مع أنه رسول الله ... لقد نام على حصير حتى انطبععلى خده .. وزوج ابنته لعلي صلى الله عليه وسلم بمهر لا يتجاوز خمسمائة درهم . أم تعتقد أن ابنتكأفضل من سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها؟ هذا أولا .. ثانياألست مسلما ؟ أماسمعت قول الرسول صلى الله عليه وسلم : " إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه وإلاتفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير " . . . . يقاطعها الحديث .. اسمعي يا دكتورة ، أنا لمآت إلى هنا حتى تعلميني كيف أربي ابنتي ... إنني أتيت هنا لأخبركم بأنني سأصطحبابنتي إلى أوروبا لأعالجها هناك . فقد التقيت بأحد أكبر أطباء علم النفس ، وشرحت لهوضع ابنتي ، وسيعالجها .. قررت أن يكون ذهابنا بعد أيام قلائل .. قال هذا وخرج منالمكتب .
يقوموالدها بنقلها إلى مشفى آخر بعد يومين .. فتذهب نداء وصديقة فاتن إلى منزل فاتنوتقابل الوالدة وتطلب منهم أن تكون معهم على اتصال دائم لتعطيهم آخر التطوراتبالنسبة لحالة فاتن .
الصفحات ( 208 –217)
ومضت ثلاثة أيام ... وفي صبيحة اليوم الرابع .. رن الهاتف .. تقوم نداء لتجيب .. إذا بالمتحدث الممرضة فاطمة . فاطمة : لقد ماتتفاتن . نداء : ماتتفاتن .. وكيف ؟ فاطمة : لقد انتحرت ان ان انتحرت . وسقط الهاتف من يدي نداء وشرعت في البكاء . أسامة : ماذا حدث يا نداء؟ نداء : لقد انتحرتفاتن . أسامة لا حولولا قوة إلا بالله نداء : أرجوك أن تأخذني إلى المستشفى .
أطرقت نداء برأسها إلى الأرض .. وأخذت تسترجعذكرتياتها مع فاتن .. وكيف دخلت إلى قلب فاتن ، وكيف حاولت الانتحار مرارا ولكنهالم تفلح ، وعادت الصور في مخيلتها ، وكأنها شريط فيديو ... وبقيت نصف ساعة حتى جاءتبشرى(صديقة فاتن ) وانطلقن إلى بيت فاتن الذي تحول إلى مقبرة على أم فاتن .. قامتأم فاتن وهي تصرخ : فاتن يجب أن تحيا .. يجب أن أموت أنا .. نعم أموت أنا .. هيقالت لي ذلك ... يا بشرى يا نداء أخبروها أنني قررت أن أموت ، ولكن لتعود هي إلىالحياة . حاولت نداءتهدئتها ولكنها لم تستطع .. أخرجت من جيبها أوراقا .. وأعطتها لنداء وقالت : هذه الأوراق كتبتهاقبل أن تنتحر .. كتبتها لكي تقتلني معها ، خذي ، واقرئي علي ماذا كتبت؟ أخذت نداء الأوراق .. وأنصت الجميع لكي يسمعوا : كتبت كلماتي ليدونها التاريخ في صفحاته .. لستمؤرخة ، ولا عالمة ، ولكني إنسانة ماتت ، وعاشت في عالم الموتى .. عالم الماديةالنتنة .. عالم الجهل المطبق .. عالم المصالح ، والأنانية ، أكتب كلماتي ليقرأها كلأب ، وكل أم قبل أن يحكما على أبنائهما بالموت من حيث لا يشعران .. عذرا يا أمي .. عذرا يا أبي .. عذرا لهاتين اللفظتين إن أطلقتهما عليكما .. وأنتما لم تعلما ماتعني هاتين الكلمتين الغاليتين .. كنتما لي مثالا للقدوة الصالحة في صغري .. كنتأجد فيكما العطف الذي يفقده الكثير من الناس .. كنت أجد فيكما الحب الذي يحرم منهمعظم الناس .. ولكن يا للأسف فقدتما أفضل ، وأعظم معنى في حياتي عندما حكمتما عليبالموت . لماذا ياأبي أطلقت علي رصاصة خرقت معنى الحياة عندي . لماذا ساومت بي وجعلتني إحدى صفقاتك؟ لماذا اخترت ليالموت بيديك ؟ لمأعتقد يوما أنك قاتلي .. لم أعتقد بحظة أنك هادما لأحلامي .. ليست قضية غريبة كلا ،ولا فيها سر غامض .. حياتي نشأت في رفاهية .. وبساطة ... أحببت الحياة بكل ما فيهامن حلوها ومرها .. صارت البسمة ملازمة لي .. لأني لم أجد ما يتأسف عليه في هذاالوجود .. بلغت مبلغ النساء .. فصرت أحلم أن يكون لي بيت وزوج وأطفال ... وهذهأحلام كل أنثى .. صرت أحلم بذلك اليوم الذي ارتدي فيه ثوب العرس .. ذلك الثوب الذييعادل أضعاف أضعاف قيمته بالنسبة لصاحبته .. هذا الثوب يعادل عندها افضل من كنوزالدنيا وما فيها .. أحلى ثوب ترتديه البنت .. وأفضل ساعات تحلم في تفصيله .. كل خيطفيه .. يعني لي جنة فتحت .. كل غرزة فيه يعني لي الحب قد بدأ .. كل نظرة ألقي عليهيعني السعادة قد اقتربت .. لكنك حرقت السعادة يا أبي ، برفضك أن أرتدي هذا الثوبالذي فصلته بيدي .. كان عندي من المال ما يغني من التعب في تفصيله .. لكني فضلت أنأخيط ثوب عرسي بيدي لأني أعلم ماذا يعني هذا الثوب لي .. العرق المتصبب مني كانكالغيث على الأرض الجرداء ... كل ابرة وخزت يدي خطأ كانت تعني لي عمرا جديدا يضافإلى عمري .. ولكن يا للأسف حرقت هذا الثوب بيديك يا أبي ... فحرقتني معه ، حرقتأحلامي التي عاشت معي صغيرا ... حرقت آمالي التي عشعشت في فكري .. حرقت ربيع أياميبجشعك وطمعك ... جعلتني صفقة من صفقاتك .. ولكنها كانت أخسرت صفقة خسرت فيها ،وأعظم ذنب ارتكبته .. ألم تشعر بقلبي يتضرع إليك متوسلا ... لكنك طعنته بخنجر الرفض ... فوجهت سهامك إلى قلبي المسكين ... هذا القلب الذي أحب ، وعشق البساطة في الحياة .. تمنيت أن يأتي ذلك الشاب الذي سيخطفني إلى عالمه .. ذلك العالم الوردي الذي أكونأنا ملكته ، ويكون هو الملك .. مدى ملكي هو كوخ أعيش معه بعيدا عن ضوضاء المدينة .. أتظاهر بين الناس أني شؤيكته في الملك وفي الحقيقة أنا خادمة له .. انتظره عندالباب ، لأمسح عنه العرق المتصبب بأكمام ملابسي ، وبابتسامي .. أضمه بين جوانبي .. أجلسه على كرسي العرش ، واغسل قدميه .. وانتظر أوامره.. سأتمرد عليه يوما .. سيضربني .. سأتظاهر أني سأذهب إلى أهلي .. سأخرج .. وأطالب بنوع من الحرية ... سأجمع ملابسي .. وعند باب الخروج .. سأسمع بكاء أولادي .. وسأرجع مرة ثانية ... أتوسل إليه أن يسامحني ، ويضمني بين جواريه .. ولكي أعيش معه حياة الحب ، والصفاءولكنك يا أبي حرقت أحلامي ، كما تحرق أوراقك البالية ، ثم ترميها في سلة المهملات ... وهكذا فعلت معي يا أبي حرقتني ، ورميتني في سلة المهملات .. إني أقولها لك ياأبي ، وإلى كل الآباء : إن بناتكم لا يردن أموال الدنيا ، وإنما تريد زوجا تحبه،ويحبها. لا تريد المجوهرات ، والأزياء بل تريد طفلا يناديها ماما .. ماما ... ماماوليس قصتي أني صرت عانسا بل إنك يا أبي ، رميتني إلى ما هو أمر من العنوسة ، وأشدقسوة علي منها ... رميتني إلى حضيض الدعارة ، وأنت لم تشعر ... لقد قتلتني يا أبي .. قتلتني يا أبي ... ألم تعلم أن لي غرائز ؟ ألم تعلم أن لي حاجلت جسمية وروحية؟ ولا أحتاج أن أوضحلك كيف رميت بي إلى هذا الطريق ، وكيف دللتني عليه .. فبعد يأسي من الحياة ، وزهديفيها لأنني لا أستحق العيش فيها أكثر منذلك ، لأنه لم يعد لي ما أعيش من أجله ... فلا زوج يرجى ، ولا شرف باق ، ولا كرامة تعد .. قررت أن أموت .. ولكن قبل أن أموت .. أريد أن أقول كلمة أخرى : إن أي أب مثلك يا أبي لا يستحق أن يعيش في هذه الحياة .. فماذا تفعل بثروةقتلت بها ابنتك ؟ فلسامحني الله على فعلي هذا ، وعلى قولي هذا .. ولكن ليعلم التاريخ أننيصرخة مدوية ضد ظلم الآباء ، وغرور الأمهات ، وليشهد التاريخ أن مثلي الألوف منالفتيات قد ألجم الزمان أفواههن ، وضيق الخناق عليهن .. فلأكن أنا الأخيرة التييشهدها التاريخ ويحكي حكايتها الزمان ، لتكون عظة للآخرين . عفوا يا أبي ، عفوايا أمي ، إنكما لا تستحقان العيش في هذه الحياة ، وكل من كان على شاكلتكم يجب أنيموت . فاتن .... .. أخذت بشرىأم فاتن إلى غرفتها في الطابق العلوي لتأخذ قسطا من الراحة ورجعت بعد أن أدخلتهاالغرفة واحتضنت نداء واخذن يبكين معا وبينما هما كذلك إذا سمعا صراخ الأم ثم سكوتها .. تهرول نداء ، وبشرى إلى الطابق العلوي فيفاجآن أن أم فاتن قد رمت نفسها إلىالأرض ، زاد ذعر نداء وبشرى من هذا الموقف ، فهرولا إلى الاتصال بالمشفي لكن الهاتفكان مشغولا .. دخل عليهما أبو فاتن وهو حامل زوجته بين يده وهو يضحك ، وكأنه مجنون .. طرحا في الصالون ثم ذهب إلى مكتبه .. عاد بعد قليل وهو يحمل أموالا نشرها علىالأرض وجلس عليها .. وأخذ يدخن السيجارة وهو يضحك وفي أثناء ذلك تحترق الأموال التييجلس عليها ... لتحترق ملابسه .. حاولت نداء وبشرى اطفاء الحريق الذي اشتعل فيالصالون وملابسه .. ولكن باءت محاولاتهما بالفشل ، إذ احترق وهو يضحك .. زادت النارالنار ليشتعل ما حوله من الأثاث ، والسجاد .. هربت نداء ، وبشرى والخدم من البيتخشية ان تحرقهم النار بلهيبها .. وقبل أن تمضي نداء وتعطي ظهرها للمكان قالت : حرقت ابنتكفاحترقت.
ماذا نستفيد من الكتاب أن لا يكون أسس اختيار الزوج هو المال .. وعلى الأهل أن يراعوا هذه النقطة ويطبقوا حديث الرسول صلى الله عليه وسلم